بعد محاولات عديدة مضنية استغرقت أجيالا وقرونا , وأبحاث ونظريات كلفت الكثير من المال والجهد والعناء , وبعد أن نجح العلماء في وضع التليسكوبات العملاقة في الفضاء الخارجي للأرض , يزعم العلماء أنهم أدركوا أو بتعبير أدق تلمسوا إدراك مابين 5 إلى 10 بالمئة من الكون , ونجحوا في رؤية أبعاد عميقة فيه , واستنتجوا نظريات واكتشافات سبقهم إلى الإشارة إليها القرآن الكريم كتمدد الكون واتساعه , وكون السماء ليست فراغا وإنما بناء محكما تسبح فيه النجوم والكواكب في أفلاك , ومنها كذلك مواقع النجوم , والثقوب السوداء ( الجوار الكنس ) ..الخ
إن الناظر إلى عظم هذا الكون الذي ينتمي إليه الإنسان , بما يحتويه من مفردات وموجودات وأجرام سماوية يدرك على وجه القطع واليقين أن خلق السموات والأرض اكبر من خلق الناس , بيد أن كثيرا من الناس لا يعلمون وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة غافر " لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون "
وإذا أخذنا أمثلة على ذلك فسوف تشخص أبصارنا وتنبهر عقولنا بما نشاهد أو نقرأ أو نلاحظ , فمجرتنا درب التبانة أو كما يسميها البعض طريق اللبن milky way galaxy قطرها100 ألف سنة ضوئية والسنة الضوئية تساوي 9.46 تريليون كيلومتر وتبعد عن مركز المجرة 25 ألف سنة ضوئية ,وإذا كانت النجوم والحالة هذه هي وحدة بناء المجرات فإن مجرتنا طريق اللبن تحتوي على بلايين النجوم ويقدر عددها العلماء من 200 إلى 400 بليون نجم , وفي الكون مجرات عديدة قريبة وبعيدة عن الأرض أقربها بطول 131 ألف سنة ضوئية وأبعدها مجرة andromeda بطول 2 مليون سنة ضوئية , ومن المؤكد أن هناك مجرات أبعد لم يحط بها العلماء خبرا ولا تمكنت أدواتهم أو عقولهم من رصدها .
وإذا أخذنا مجرتنا درب التبانة أو طريق اللبن فإننا نجد فيها مناطق فمنطقة m13 تحتوي على تجمع للنجوم يبعد عن الأرض بمقدار 2500 سنة ضوئية وهذا التجمع واحد من 150 تجمعا في مجرتنا , وكل نجم في هذه المناطق أو التجمعات هو شمس كشمسنا أو أكبر منها , وتقترب هذه الشموس من بعضها إلى مركز العنقود وتصطدم وهناك نجوم تموت وأخرى تخلق نتيجة لهذه ا لإصطدامات وفق نظام مهيب لا يعلمه إلا الله .
إن هذا العدد الهائل من المفردات والأجرام السماوية وصور الطاقة والمادة المتنوعة والتي يحار العقل البشري في إدراك كنهها تؤكد للإنسان أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس , وأن ابتعاث الإنسان بعد طول رقاده في جوف الأرض وثناياها البعيدة والقريبة ليس بالأمر الصعب على الخالق الباري جل وعلا و وبالتالي فإن على الإنسان أن يتواضع لله ويتبع منهجه فلا يتكبر ولا يتجبر, ولا يفحش ولا يظلم, فطول الإنسان وعمره وأبعاده مقارنة بأبعاد الأرض والكون هي اقل من أن تذكر وأهون من أن تحسب , وقد تدرج القرآن الكريم في تذكير الإنسان بنشأته وشبابه وهرمه وصحته وسقمه وقوته وضعفه وحياته وموته ل يتعظ ويعتبر والآيات في هذا الصدد كثيرة ومتنوعة منها قوله تعالى في سورة الروم " الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير " ومنها قوله تعالى في سورة الإسراء " ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا " , فخلق الإنسان مهما كان كبيرا فلن يكون أكبر من خلق السموات والأرض , وإلى ذلك أشار القرآن الكريم فقال –جل وعلا- في سورة النازعات " ء أنتم أشد خلقا أم السماء بناها . رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها . والأرض بعد ذلك دحاها ."
وقد لاحظ العلماء أن السماء تقدمت على الأرض في الآية السابقة كما تقدمت السموات على الأرض في قوله تعالى " لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وتقدمت في آيات أخرى , وذلك لأن خلق السموات أكبر وأعظم من خلق الأرض فكوكبنا الأرض هين وصغير إذا ما قورن بغيره من مفردات الكون البعيد والقريب فالمشتري أكبر من كوكب الأرض بنحو ألف وثلاثمائة مرة والشمس أكبر من الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة , وقد صورت وكالة ناسا لسانا ناريا من الشمس يمكن لطوله أن يلف بلهبه كل كواكب المجموعة الشمسية بل إن نجم الشعرى الذي يرى في السماء لامعا يكبر الشمس بثماني مرات أي أنه يكبر الأرض ب 10 مليون مرة وإلى هذا النجم أشار القرآن الكريم في سورة النجم " وأنه هو رب الشعرى " والنجمpollux اكبر من شمسنا بنحو 512 مليون مرة وأكبر من أرضنا ب 663 مليون مرة , أما نجم السماك الرامح arcturs فأكبر من أرضنا ب 40 مليار مرة وهكذا فإن ثمة نجوم وأجرام سماوية بأحجام وأبعاد لا يستطيع العقل البشري أن يستوعبها من ضخامتها مثل نجم الجوزاء والنجم الأحمر العملاق قلب العقرب ومع عظم هذه الأجرام السماوية فإن الله سبحانه وتعالى يمسك بها فلا يفلت جرم عن مساره وفلكه , وكل الكون في قبضة الرحمن يسيره كيف يشاء فسبحان الله العظيم خالق الإنسان والأكوان .
المراجع :
1- الكون في فكر الإنسان حديثا وقديما – د . احمد مدحت إسلام دار الفكر العربي - القاهرة طبعة 2002
2- الإعجاز العلمي في القران الكريم – د. محمد زغلول النجار – مكتبة الأسرة ط – 2002
3- إسلام اون لاين
4- موسوعة ويكيديا
الخيوط المتصلة مجرات ممتدة
الشمس اكبر من الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة
مجرات تسبح في الكون الواسع
مجرتنا درب التبانة
القسم : الإعجاز العلمي في القرآن والنسة - الزيارات : [3484] - التاريخ : 16/4/2010 - الكاتب : عبد العزيز الكحلوت