عقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي أول أمس الثلاثاء قمتهم التشاورية نصف السنوية بالعاصمة السعودية الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز .
واستهدف اللقاء التشاوري الثاني عشر مراجعة جميع مسارات التعاون المشترك، في جوانبه السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والثقافية.
المراقبون قالوا إن قمة الرياض التشاورية هي قمة الملف الأمني ولكنها لم تتوقف عند هذا الملف بل ناقشت الملفات كلها بدءا بالملف العراقي ومرورا بالملف الفلسطيني وانتهاء با لملف اليمني و الصومالي , هذا الى جانب الملفات المحلية وقضايا الوحدة النقدية والاتحاد الجمركي وكافة القضايا التي توحدالموقف الخليجي وتدعم مسيرة العمل المشترك .
ويعد الملف الإيراني من أصعب الملفات التي ناقشتها قمة الرياض , فإيران التي تحتل الجزر الأماراتية منذ العام 1971 كانت قد أدارت ظهرها لمساعي اللجنة الثلاثية المشكلة لبحث الخلافات الإيرانية الإماراتية حول الجزر الثلاث , وعوضا عن انتهاج سياسة وفاق وتعاون في المنطقة عملت ايران على إيقاظ الفتن وتغذية الإنقسامات والحيلولة دون تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق التي اعتبرتها ساحة خلفية لها , وبالرغم من رفعها لشعارات إسلامية فإنها تمارس سياسة فارسية بحتة سواء في مواجهة مكونات الشعب الإيراني أو في مواجهة المنطقة , ولا تكاد تعلن عن انتهاء مناورات عسكرية حتى تبدأ في أخرى .
رسائل تطمين للداخل ورسائل تهديد للخارج تنطوي عليها هذه المناورات خاصة وأنها تجرى في مياه الخليج العربي الذي تصر ايران على تسميته بالخليج الفارسي , وهي تعمل وفق مخطط ممنهج ومدروس للسيطرة والهيمنة في المنطقة ,.
موقف دول مجلس الخليج العربي المعتدل من الملف النووي الايراني لم يلق رد فعل طيب من الحكومة الإيرانية , وإنما سياسات مناوئة سواء في دول الخليج او في العراق أو في غيرها . القمة التشاورية الثانية عشرة أعطت رسالة قوية للآخرين حيث أكدت على أن أمن الخليج خط أحمر لايسمح بتجاوزه وأنه كل لايتجزأ , كما نهجت خطا مستقلا في مسألة الملف الإيراني ودعت الى الحل الدبلوماسي عوضا عن الحل العسكري ولم تستجب لمساعي الولايات المتحدة والغرب لتأييد فرض مزيد من العقوبات على ايران وطالبت بإخضاع الملف النووي الإسرائيلي لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية , وفي الوقت الذي طالبت فيه القمة ايران بالانسحاب من الجزر الإماراتية الثلاث عرضت عليها القبول بالتحكيم الدولي لإنهاء الخلافات المتعلقة بها . وأكد الأمين العام لمجلس التعاون عبد الرحمن بن حمد العطية حرص دول مجلس التعاون على إقامة علاقات متوازنة مبنية على التعاون السلمي والجيرة الاسلامية مع ايران . كما دعت القمة الفرقاء العراقيين إلى تجاوز انقساماتهم الطائفية وخلافاتهم السياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد للعراق دوره الفاعل في المنطقة . وأكد العطية أن القمة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف العراقية.
القمة لم تنس القضية الفلسطينية واعلنت وقوفها الى الجانب الفلسطيني ودعت اسرائيل إلى وقف النشاط الإستيطاني والإذعان لإستحقاقات القانون الدولي في مفاوضاتها الجارية مع السلطة الفلسطينية .
وناقشت القمة جملة من القرارات الإقتصادية ومن أبرزها وضع جدول زمني للوحدة النقدية الخليجية وإنشاء مجلس نقدي مشترك واتحاد جمركي وتيسير حركة تدفق النقل البري بين دول المجلس التعاون وغير ذلك من القرارات والقضايا التي أنجزت فيها قمة الكويت الأخيرة خطوات مهمة ,.ويأتي هذا كله في إطار توحيد كلمة الخليج في مواجهة الآخرين وتعزيز وحدته وتفعيل دوره في المنطقة , فدول مجلس التعاون تملك من الإمكانات المتنوعة ما يمكنها من لعب دور أكبر , وانعقاد القمة في هذه الظروف الإستثنائية في المملكة العربية السعودية وفي هذه الدولة القوية العضو في مجموعة العشرين قد أعطى رسالة قوية للعالم . كما حققت القمة بما جرى فيها خطوة مهمة في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية .
القسم : قضايا سياسية - الزيارات : [855] - التاريخ : 8/7/2010 - الكاتب : عبدالعزيز الكحلوت