اختلف المفسرون بالمقصود في قوله تعالى ( والتين والزيتون ) , فذهب الفريق الأول إلى أن المقصود بهما إنما هو التين الذي يؤكل والزيتون الذي يعصر , فالتين فاكهة وغذاء ودواء وله أهمية وتميز والزيتون غذاء ودواء وله فوائد جمة , لذلك فقد أقسم الله سبحانه وتعالى بهما وهو غني عن القسم – ليلفت انتباهنا إلى أهميتهما .
وأورد الطبري حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم روي فيه أنه صلى الله عليه وسلم أهدي إليه طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه : كلوا , فلو قلت أن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوا , فإنه يقطع البواسير وينفع في النقرس ( 1) وقد ضعف ابن قيم الجوزية هذا الحديث .
والزيتون يؤكل ثمارا وزيتا وشجرته مباركة لا شرقية ولا غربية , وهو غذاء ودواء وله فوائد ظلت على مدار العصور حديث الأطباء والمهتمين بالغذاء .
وذهب فريق ثان إلى أن المقصود بهما الأماكن , الشام وبيت المقدس , ورجح معظم المفسرين أن المراد بهما التين والزيتون لما لهما من فوائد.
أما قوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين فقد أجمع المفسرون على أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان من نطفة ليشب ويكبر حتى يصير كاملا في الخلق والخلق ثم يتدرج في الانحدار من القوة إلى الضعف (2) .
وواضح مما سبق أن المولى عز وجل قد أقسم بالتين والزيتون لفوائدهما الجمة , وهي فوائد عرف الأقدمون بعضها وجهلوا بعضها الآخر ثم جاء العلم اليوم ليكشف عن معان ودلالات جديدة لهما مما لم يكن معروفا لنا ولمن كان قبلنا . فالتين والزيتون من الأطعمة المقاومة للأكسدة لأنها تحتوي على مجموعة من الفيتامينات والأملاح والمعادن الهامة التي بمقدورها مقاومة الشوارد , ويعد زيت الزيتون من أهم الزيوت النباتية وأفضلها أثرا على صحة الإنسان وشرايينه لأنه عالي الكثافة , وبالتالي فإن فائدته عظيمة للشرايين والأوعية الدموية , ويشفي بإذن الله من أمراض كثيرة ويدخل في صناعة كثير من المراهم والأدوية .(3)
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا أقسم الله سبحانه وتعالى بالتين مقرونا بالزيتون , وهل لهذا الاقتران دلالة خاصة ؟ وما علاقة ذلك بشباب المرء وشيخوخته ؟
ذكرنا في السطور الأولى أن المولى عز وجل قد أقسم بهما لفوائدهما الجمة كما قال بذلك معظم المفسرين وقد كشف العلم عن فوائد أهم للتين والزيتون مقترنين وعن دلالة خاصة لإقترانهما , حيث أتم اكتشاف مادة الميثالونيدز وهي مادة بروتينية يفرزها مخ الإنسان والحيوان بكميات قليلة وتحتوي على الكبريت ويمكنها لذلك الإتحاد مع الزنك والحديد والفسفور بسهولة , وتعد هذه المادة من أهم المواد اللازمة لخفض الكولسترول في الدم , ولإنجاز عملية التمثيل الغذائي بكفاءة , كما تقوي عضلة القلب وتنظم عملية التنفس .(4)
وقد ثبت للعلماء أن إفراز هذه المادة يزداد تدريجيا من سن الخامسة عشر إلى سن الخامسة والثلاثين ثم يقل إفرازها تدريجيا حتى سن الستين إذ يكاد ينعدم إفرازها في المخ فيدخل المرء في مرحلة الشيخوخة والضعف , ولأهمية هذه المادة حاول فريق من العلماء اليابانيين بمشاركة الدكتور طه إبراهيم البحث عنها في النباتات والكائنات الحية , وبعد أبحاث طويلة تم العثور عليها في نوعين من ثمار الأشجار وهما التين والزيتون , ولم يقتصر الأمر على ذلك , إذ أخفق العلماء في الحصول على الميثالونيدز من التين بمفرده أو الزيتون بمفرده واقتضى الحصول عليه ضرورة مزجهما ببعضهما البعض بنسبة واحد إلى سبعة وبإحصاء عدد المرات التي ورد فيها ذكر التين والزيتون , تبين أن القرآن الكريم ذكر التين مرة واحدة والزيتون سبع مرات أي بنفس النسبة المقررة للحصول على المادة الفعالة المسببة بإذن الله للقوة والشباب . وقد دفعت هذه الحقيقة رئيس الفريق العلمي العالم الياباني إلى إشهار إسلامه .(5)
وهكذا فإن وجوه الإعجاز العلمي في آيات سورة التين تتركز في أهمية التين والزيتون لصحة وشباب الإنسان نظرا لإحتوائهما على مادة الميثالونيدز المحفزة بنسبة واحد إلى سبعة وهو عدد ورودها في القرآن الكريم مرة للتين وسبع للزيتون .
كما أن قوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ) بعد القسم بالتين والزيتون فيه إشارة ضمنية لدوريهما في إنجاز القوة والشباب للإنسان وأن غيابها من الأسباب التي قدرها الله – عز وجل –لانحدار الإنسان نحو الشيخوخة ونحو مرحلة أرذل العمر .. فسبحان الله العظيم .
الهوامش:
1- جامع القرآن في تفسير القرآن للطبري – المجلد الثاني عشر – الجزء الثلاثون – ص: 157 دار المعرفة – بيروت لبنان . وانظر كذلك تفسير النيسابوري الجزء الثلاثون – ص: 119 دار المعرفة بيروت لبنان .
2- نفس المصدر السابق ص 158
3- الإسلام والصحة- منشورات جمعية الدعوة الإسلاميةص103
4- إسلام اون لاين
5- نفس المصدر السابق
القسم : - الزيارات : [6681] - التاريخ : 17/4/2010 - الكاتب :