هل تتدخل روسيا في ليبيا وتكرر سيناريو سوريا ؟
عبد العزيز الكحلوت
لاتكاد الأزمة الليبيبة تتقدم خطوة نحو الحل حتى تعود إلى الوراء خطوتين ولعل السبب في ذلك لا يرجع إلى الفرقاء الليبيين وحدهم بقدر مايرجع الى الدول الكبرى المعنية بالشأن الليبي فهي لم تلق بثقلها إلى جانب حكومة الوفاق الوطني ولم تفرض عقوبات رادعة كافية على المعوقين لاتفاق الصخيرات ووقفت بحسب مصالحها فرأينا ايطاليا التي افتتحت سفارتها الاسبوع الماضي في طرابلس واستقدمت بالاتفاق مع حكومة الوفاق ثلاث قطع بحرية ــ تقف إلى جانب حكومة الوفاق وكذلك فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا وأسبانيا أما فرنسا فتمركزت في الجنوب وعلى الرغم من ذلك فقد أقامت هذه الدول الخمس صلات بحفتر آخذة في الإعتبار موازين القوى على الأرض ففرنسا أعلنت تأييدها لحكومة الوفاق في العلن ودعمت حفتر في الخفاء والأمر نفسه ينطبق بصورة أو بأخرى على الدول الكبرى الأخرى فهي تضع قدما لدى حكومة الوفاق وتضع أخرى عند حفتر وقد أضعف هذا التردد حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي وشجع قوات حفتر على تجاوز منطقة الموانيء فبعد ضرب قاعدة الجفرة أعلن المسماري المتحدث الرسمي باسم قوات حفترالسيطرة الجوية على المنطقة من البريقة شرقا إلى سرت غربا وإلى مشارف سبها جنوبا . تردد الولايات المتحدة والدول الغربية في دعم الثورة الليبية يشبه إلى حد كبير ترددها في دعم الثورة السورية وأدى بالفعل الى فراغ يمكن لروسيا ان تملأه بمباركة من محورها الإقليمي المكون من دول كمصرو سوريا والعراق وإيران وبرضا من الدول الكبرى التي تنتظر الفائز في هذا الصراع ولاتريد الزج بنفسها في أتونه ولا تهمها إلا مصالحها التي تراها في إعادة استنساخ نظام العقيد القذافي ومنع أي تيار إسلامي مهما كان اعتداله من الوصول إلى الحكم . إزدواجية المواقف الأوربية شجعت حفترعلى المضي قدما في مشروعه وكلما تقدم على الارض توثقت اتصالات الدول الغربية به بل أضحى بإمكانه ابتزازها بمسألتي الإرهاب والهجرة. زيارات حفترإلى موسكوومباحثاته مع وزير الدفاع الروسي ثم استقباله على ظهر حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنيتسوف تعكس بلا شك رغبة الروس في التدخل في الشأن الليبي تحت عنوان محاربة الارهاب وهو نفس العنوان الذي استخدمته روسيا ذريعة لتدخلها في سوريا خاصة وأن تخليها عن نظام القذافي كلفها عقودا لشركاتها قدرت من قبل سفيرها آنذاك بعشرات المليارات . نجاح التدخل الروسي في سوريا قد يغري بوتين إلى تكراره في ليبيا وقد لمح بوتين بأنه على استعداد للتدخل في مناطق الصراع لحماية مواطنيه الروس وذكر دولا بالاسم من بينها ليبيا . الظروف الدولية تبدو اليوم مناسبة للتدخل الروسي مع انكفاء الولايات المتحدة وصعود الاحزاب اليمينية في أوربا وهو تدخل تسعى من ورائه روسيا إلى تأكيد دورها كقوة عظمى وربما يؤمن لها قاعدة بحرية في شرق ليبيا وممرات آمنة للغازوصفقات توريد سلاح وتدريب للقوات الليبية وعودة لشركاتها وأوراقا تدعم مواقفها التفاوضية بشأن العقوبات الغربية وتثبّت شرعية احتلالها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية
وربما يبدأ هذا التدخل ببعثات عسكرية ومستشارين ومدربين و بمناورات جوية و بحرية بين روسيا وجيش حفتر وإذا حدث هذا التدخل على الطريقة السورية وهذا مرجح فإنه سيشكل تحديا حقيقيا للأمم المتحدة وللإتفاق الذي رعته كما سيشكل تحديا للولايات المتحدة والدول الغربية وتحديا أكبر للشعب الليبي الذي لن يرحب بهذا التدخل ولا بمن استدعوه .
عبدالعزيز الكحلوت
القسم : - الزيارات : [2639] - التاريخ : 14/3/2017 - الكاتب :